الكحة المزمنة: هل هي ارتجاع أم مرض تنفسي؟

في البدایة یجب ان نعرف العلاقة بین الجهاز الهضمي و التنفسي من حیث التقائهما في منطقة البلعوم مما یفسر قدرة الإنسان على التنفس من الأنف او الفم. لسان المزمار او epiglottis هو العضو المسؤول عن تحویل الهواء الى القصبة الهوائیة و الطعام الى المريء.

أمراض الجهاز التنفسي العلوي و المتمثلة في نزلات البرد او الزكام تتسبب في زیادة لإفرازات الأنف، احتقان الحجرات الهوائیة، زیادة في إفراز المخاط و احتقان الحلق. تكون عادة مصاحبة لارتفاع درجة الحرارة و الخمول العام. قد تستمر هذه الأعراض من ٣ الى ١٠ ایام.

لكن الزیادة في إفراز المخاط و بكمیات متفاوتة قد تستمر لفترة اطول و تتمثل في استمرار سیالان الأنف و احتقان الجیوب الانفیة. هذه الإفرازات تحتوي على كمیات هائل من الأجسام المضادة و المواد المناعیة التي ینتجها الجسم لمكافحة الزكام.

بسبب الإفراز المستمر لهذه المواد و ملامستها للسان المزمار او epiglottis و ما جاوره من الأعضاء الموجودة في البلعوم تتسبب في حدوث احتقان في تلك المنطقة و تعرف ب post nasal drip. من أعراضها الكحة المستمرة، الام في الحلق، الشعور بالحاجة لإخراج عوالق في الحلق، و بحة الصوت.

اما بالنسبة للارتجاع فینتج عن وصول احماض المعدة الى الحلق و البلعوم نتیجة ضعف صمام المريء السفلي او وجود فتق في عضلة الحجاب الحاجز. الارتجاع بسبب حامضیة مكوناته یتسبب أیضا في احتقان لسان المزمار و ما جاوره من الأنسجة في البلعوم كالحبال الصوتیة تتشابه مع اعراض ما بعد الزكام.

من الأعراض التي قد تصاحب الكحة المزمنة بسبب الارتجاع: جفاف الفم، تسوس الاسنان، نفس كریه، انتفاخ البطن، الشعور بالغثیان، الام في المعدة بعد تناول الوجبات، او حرقان في الصدر.

قد یصعب في بعض الحالات تشخیص السبب مما یتطلب اجراء فحوصات مثل منظار المعدة، جهاز قیاس حموضة المريء او اختبار جهد المريء.

احدى الطرق في التفرقة بین السببین و التي قد تنجح في معظم الحالات هي استخدام مضادات الحموضة لفترة لا تقل عن ٣ الى ٤ أسابیع. في حالات الارتجاع، غالبا ما تتحسن حالة المریض و تختفي الكحة تدریجیا. في حالات الكحة ما بعد الزكام، یستجیب اغلب المرضى للأدویة الربو و علاج احتقان الأنف.

إذا كنت تعاني من كحة مزمنة، فمن المهم استشارة الطبيب لتحديد السبب الأساسي وتلقي العلاج المناسب.